لم أؤذِ أحدًا ولا حتّى نفسي. أنا سعيد بما أنا عليه ولا أحبّ المواعظ والحكم.
توضيح: هذا النصّ مُستلهم من قصص واقعيّة لرجال يمتهنون الجنس ولا يروي جزءًا من سيرة الكاتب أو من تجربته الذاتيّة.
أنا عامل جنس مصريّ، أعيش مع عائلتي في منطقة بعشوائيّات القاهرة الفقيرة وأدرس بالصف الثاني الثانوي. أصطادُ زبائني بمساعدة تطبيقات المواعدة الخاصة بالمثليين أو في أروقة الفنادق الفخمة أو في المقاهي الليلية بمنطقتي المهندسين والزمالك. أتقاضى في الأيام العادية ما بين 500 و1000 جنيه مصري، أما في الأعياد والمواسم وخاصّة عند قدوم زبائني الأجانب للاحتفال برأس السنة فإنّي أتقاضى من 100 إلى 500 دولار.
أنا شخص مهووس بالنظافة في المُطلق ويزداد هوسي هذا كلّما كان لديّ موعد مع زبون. تكون تحضيراتي لكلّ موعد بنفس الوتيرة وأحرص دائمًا على الحفاظ على جسمي ناعمًا طريًّا. نزعت ملابسي تمهيدًا لإزالة شعر جسدي باستخدام الشمع المؤلم بدلا من استخدام آلة الحلاقة الكهربائية غير المؤلمة حتى لا يتذمر الزبون من وجود آثار إزالة الشعر على مناطق من جسمي. هذا التمرين صعب جدًّا ولكنّي تعوّدت على الألم. دائمًا ما أنظر إلى نفسي في المرآة، أتفحّص كل تفاصيل هذا الجسد النحيل المُنتصب كعمود كهرباء وسط طريق مهجور قد لا ينتبه له أحد. يبدو شكل قضيبي وهو ذابلٌ مُضحكًا. يُعجبني شعري الأسود الناعم اللاّمع، كما يُعجبني أنفي الصغير المُدبّب وشفتاي الورديّتان. وجهي شاحبٌ قليلا بسبب قلّة النوم. لا أعرف لماذا لا أنام جيّدًا وليس في الموضوع أيّ بعد دراميّ. منذ أن كنت طفلا صغيرًا كنت شغوفًا بطائر البوم الذي لا ينام اللّيل كي يصطاد الفئران. كلّ شيء في هذا الطائر يُعجبني، شكله، وألوان ريشه، ونظرته الثابتة، والأساطير التي حيكت حوله. كبرت وصرت صيّاد فئران حقيقيّ.
تحمّمت بالماء البارد رغم أنّنا في فصل الشتاء، علّه يخفف الألم والحرقة من بعد استخدام الشمع اللّعين. عندما أنهيت حمامي توجّهت إلى غرفتي لأتزين من أجل "الأوردر"، ولكنّي تفاجأت بأمي وهي تُفتش حقيبتي. أمسكت بعض الدولارات قائلة بصوت منخفض حتى لا يسمع أبي: "إنت جبت الفلوس دي كلها منين يا منيل على عينك؟". حاولت جاهدًا أن أخفي توتري وارتباكي وألاّ أنظر في عينيها لأنها تعرفني عندما أكذب وقلت لها: "دي فلوس واحد صاحبي كان ناسيها معايا". نظرت إليّ بلؤم وأجابتني "صاحبك دا أكيد بيقبض على قلبه قد كده"، مواصلة كلامها: "وعلى كده صاحبك اللي بيقبض كتير دا فلوسه حلال ولا حرام؟".
غادرت أمّي الغرفة بعد أن أقنعتها ظاهريًّا بإحدى رواياتي الجاهزة والكاذبة طبعًا. غيّرت ملابسي بسرعة حتّى لا تفتح معي الموضوع مرّة أخرى. ليست لديّ حججٌ تُرضيها لأنّي لا أؤمن بالحلال والحرام من وجهة نظر دينيّة. لم أؤذِ أحدًا ولا حتّى نفسي. أنا سعيد بما أنا عليه ولا أحبّ المواعظ والحكم. ارتديت بنطالي الضيق الذي يبرز مؤخرتي ثم قميصي الأبيض. فتحت أزراره حتى يظهر جزء من صدري. لبست حذائي الأسود بعد أن لمّعته جيّدًا باسفنجة خاصّة ووضعت شالا أحمر على رقبتي. أبدو وسيمًا. أعدت النظر إلى وجهي الشاحب من قلّة النوم، قبل أن أضع عدساتي اللاصقة الرماديّة وبعض الكحل لإبراز جمال عيني. أبدو وسيمًا أكثر الآن.
خرجت من المنزل وأنا أدعي في سري "يارب أمي متكونش شاكة في حاجه أنا مش ناقص". كنت قد طلبت سيارة أجرة مسبقًا، فتحتُ الباب الخلفيّ فنظر إليّ السائق باستغراب ودهشة ثمّ قال بنبرة ساخرة: "يافندم ورا ladies بس، ممكن حضرتك تقعد على الكرسي اللي قدام". اضطررت إلى النزول والجلوس بجانبه بصمت. لم أرد الدخول في المزيد من النقاشات العقيمة.
لقد دخلت إلى هذا الفندق مرّات عديدة وأعرف موظّفيه اللّئيمين جيّدًا
وصلت إلى أحد الفنادق الفخمة والمُطلّة على النيل بالزمالك. أرسلت إلى الزبون أخبره بأني في انتظاره أمام الفندق فَرد عليّ قائلا: "ادخل الفندق وانتظرني في المقهى الداخلي". لم أرد الدخول إلى الفندق وحدي حتّى أتجنّب أسئلة موظّفي الاستقبال المزعجة ونظراتهم المُستفزّة، فأرسلت له رسالة محتواها "أنا مستنيك برا تعالى وندخل مع بعض". جائني الزبون الخليجيّ الذي يشتري صمت الموظّفين واحترامهم المغشوش بالإكراميّات. نظر إليّ مُبتسمًا ثم قال: "شكلك حلو كثير أنا ما بقدر أقاوم الشباب الصغار في سنك". اتجهنا إلى بوابة دخول الفندق معًا واستقبلنا الموظّفون بحرارة مبالغ فيها حتى أنّهم لم يُفتّشوا حقيبتي رغم أنّه إجراء روتيني عادي.
لقد دخلت إلى هذا الفندق مرّات عديدة وأعرف موظّفيه اللّئيمين جيّدًا. منذ أشهر فقط، كنت مع زبون مصريّ شحيح معهم على ما يبدو، أذكر جيّدًا كيف عاملوني باحتقار وكيف فتّشوا حقيبتي وحاصروني بأسئلتهم البوليسيّة، حتى إنّ أحد العاملين طرق علينا باب الغرفة ونحن بصدد ممارسة الجنس ليقول لزبوني بكلّ وقاحة "الزيارات ممنوعة داخل الغرف يا فندم". تعكّر مزاجي وخفت أن يتّصلوا بالشرطة فغادرت مسرعًا.
أثناء اتجاهي إلى الغرفة مع الزبون الخليجي كان يوجد في قاعة الانتظار عاملات جنس بصفتهن "أخصائيات تدليك"، نظرن إليّ بسخرية وتهامسن عليّ. لم أهتمّ بحركاتهنّ الصبيانيّة لمعرفتي بمدى إحباطهنّ لأنّ هذا الخليجيّ الثريّ فضّلني عليهنّ. حياتي تُشبه الأفلام وهذا المشهد المملّ ذكّرني بفيلم "خمسة باب" بطولة نادية الجندي وعادل إمام. يروي الفيلم حكاية عاملات جنس في فترة الثمانينات. هناك شخصية ثانوية قد لا يتذكّرها أحد وهي شخصية صبي راقصة يعمل بالجنس في إحدى حانات حيّ مُخصّص للبغاء. وكانت نادية الجندي تلعب دور "تراجي" فتاة ليل في نفس الحانة وعندما طُرد صبي الراقصة قالت: "الأخ دا كان بيخطف الزباين مني". أنا ذلك الصبيّ صيّاد الزبائن الماهر.
أنا الآن مع الزبون تحت سقف واحد، لست مرتبكًا ولا خائفًا. يشمّني، يُقبّلني بنهم من رقبتي، ويفتح أزرار قميصي. سأنزع ملابسي بعد قليل مثل كلّ مرّة، وسأقوم بفكّ زرّ سرواله ومداعبة قضيبه بيدي ثمّ أمرّر عليه شفاهي الطريّة بزبدة الكاكاو. لم يصمد قضيبه أكثر من دقيقتين في فمي حتى وصل إلى النشوة فأدركت أنه يعاني من القذف المبكّر. أنا اليوم محظوظ لأنّ قضيب زبوني خائر لا حول له ولا قوّة. سأقبض النقود دون أن اضطرّ إلى بذل مجهود لإمتاع فانتازياته. لست لئيمًا أو ربّما أنا كذلك ولكنّ العمل بالجنس هنا غير آمن ويحوّل الإنسان إلى كائنٍ هشّ. يُمكن أن أتعرّض إلى الاغتصاب بسهولة ويُمكن أن أجبر على القيام بأشياء لا أحبّها ولا يُمكنني التقدّم بشكوى. لم أرد أن أحرجه، فشغّلت أغنيات خليجيّة مشهورة ورقصت له. كان مستمتعًا بمشاهدة جسدي وهو يتمايل وأردافي وهي ترتعش. سهرنا قليلا ثمّ عدت إلى منزلي بعد أن احتضنني وطلب منّي أن نتقابل مرّة أخرى.
هكذا انتهى يومي، أنا عامل الجنس المصريّ المهووس بالنظافة والمُعجب بطائر البوم المشؤوم.
التعليقات
اتمنى له الآمان، بس اللي أتمناه اكثر, ان ميكونش فيه ظروف تدفع الأشخاص للعمل في الجنس في هذا السن و أشخاص بالغين يعينوا شخص تحت السن للجنس و قانون، انا كنت 15 ف الصف الثاني الثانوي و معرفش سنه.
إضافة تعليق جديد