مجتمع الميم-عين في الأردن: "حبيبي… إحنا شعب ما بيسكُت!"

العديد من أفراد مجتمع الميم-عين في الأردن معرّضون/ات لشتّى أنواع المضايقات والعنف، سواء لرغبة البعض منهم/ن بالتعبير عن جندرهم/ن غير المعياري، أو لأنهم لا يسيرون على خطى ما يعتبره المجتمع "رجولة" أو "أنوثة". فماذا تشمل هذه الانتهاكات؟ هل ثمة حماية لأفراد مجتمع الميم-عين في الأردن؟ وهل يجري الإبلاغ عن تلك الحوادث واتخاذ الإجراءات اللازمة؟ 

"إذا ما تم القضاء على هذا الوباء بينتشر وممكن يصل لولادكم وبناتكم"! كثيرًا ما تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أداةً لنشر خطاب الكراهية والعنف والمضايقة والاضطهاد، إذ يقوم عددٌ من الأفراد المُصابين/ات برهاب المثلية الجنسية،1 باستهداف الأفراد من خلال حملاتٍ جماعيةٍ مكثفةٍ من الترهيب والتخويف، قد تصل في كثيرٍ من الأحيان إلى التهديد والابتزاز. والعديد من أفراد مجتمع الميم-عين في الأردن معرّضون/ات لشتّى أنواع المضايقات والعنف، سواء لرغبة البعض منهم/ن بالتعبير عن جندرهم/ن غير المعياري، أو لأنهم لا يسيرون على خطى ما يعتبره المجتمع "رجولة" أو "أنوثة". تعرّف هيئة الأمم المتحدة للسكان العنف القائم على النوع الاجتماعي، أي الجندر، أنه أيّ عملٍ من أعمال العنف البدني أو النفسي أو الاجتماعي بما في ذلك العنف الجنسي والذي يتم ممارسته أو التهديد بممارسته (مثل العنف، أو التهديد، أو القسر، أو الاستغلال، أو الخداع، أو التلاعب بالمفاهيم الثقافية، أو استخدام الأسلحة، أو استغلال الظروف الاقتصادية). لكن مع الوقت، تطوّرت أشكال التعنيف والتنمّر لتخترق مساحاتنا الافتراضية وصفحاتنا الخاصة على الإنترنت، وتنال أيضًا من مناصري مجتمع الميم-عين، كالصحافيّين الذين يغطّون تلك القضايا بحيادٍ وغيرهم/ن من الناشطات والناشطين في الفضاء الافتراضي. لكن ماذا تشمل تلك الانتهاكات؟ هل ثمة حماية لأفراد مجتمع الميم-عين في الأردن؟ وهل يجري الإبلاغ عن تلك الحوادث واتخاذ الإجراءات اللازمة؟

العنف القائم على النوع الاجتماعي/الجندر يستمدّ أصوله من الاختلال الاجتماعي في الأدوار وموازين القوى بين الرجال والنساء، مدعومًا بالمفاهيم الاجتماعية الأبوية والسلطوية في أيّ مجتمع. كما تزداد حدّته في أوقات النزاع والصراعات المسلّحة والكوارث الطبيعية. ولا يمكن فصل هذا المفهوم وهذا النوع من العنف عن مجتمع الميم-عين وما يمرّ به من تحدّياتٍ يومية. قد يتشجع بعض الأشخاص على الإفصاح عمّا يتعرضون له من مضايقاتٍ و/أو عنفٍ على أساس النوع الاجتماعي/الجندر ومشاركته مع مقربين/ات منهم/ن قد يدعمونهم/ن معنويًا وعاطفيًا أو مع منظمات المجتمع المدني التي بإمكانها تقديم خدمات صحية أو نفسية أو اجتماعية قد يحتاجون/ن إليها. لكن في معظم الأحيان هم يحجمون/ن عن التبليغ عن هذه الحوادث أو تقديم الشكاوى بشأنها لجهات رسمية. إن غياب البلاغات الرسمية وآليات توثيق حالات العنف والمضايقات التي يتعرض لها أفراد مجتمع الميم-عين يعني عدم توفّر البيانات التي تسمح بدراسة الموضوع بشكل موسّع ومعمّق وفهم إشكالياته وتبعاته وطرق معالجته بما يساعد في توفير الحماية أو أي احتياجات أخرى ضرورية لهم/ن.

اليوم، لا يجرّم القانون الأردني العلاقات المثلية والعبور الجندري2 بحد ذاته، هذا أمرٌ واقع. لكنه في الوقت عينه لا يعترف أساسًا بوجود مجتمع الميم-عين في الأردن ليجرّمه أو لا، وهذه حقيقةٌ أخرى.

العنف القائم على النوع الاجتماعي/الجندر يستمدّ أصوله من الاختلال الاجتماعي في الأدوار وموازين القوى بين الرجال والنساء، مدعومًا بالمفاهيم الاجتماعية الأبوية والسلطوية في أيّ مجتمع

يتفق كثيرون مع البروباغاندا السائدة بأنّ المثلية الجنسية وتقبّلها وعدم وصمها، واستخدام المصطلحات والمفردات الصحيحة لوصف مجتمع الميم-عين ما هو إلا "دخيلٌ غربي يهاجم الحضارة الأردنية ويهدّد ""عاداتنا وتقاليدنا"، تمامًا كما علّق أحد الأشخاص على خبر إطلاق مجلة "المثليّون" (أي "ماي كالي") في الأردن: "هذول مندسّين يجب القضاء عليهم، لو كل واحد شاف مثل هيك ناس دعس عليهم بالكندرة أفضل من أن ننتظر حل من الحكومة، لأنهم مشكلة. ابني وابنك وبنتي وبنتك معرّضين لمشاهدتهم". هذا التعليق وغيره من التعليقات الكثيرة والمماثلة، هو لسان حال كثُرٍ لتبرير تعنيف أفراد مجتمع الميم-عين، وذلك بحجّة حماية الوطن والحفاظ على عفّته وطهارته!

إن وسائل الإعلام في الأردن من الداعمين الرئيسيين لخطاب الكراهية ضد أفراد مجتمع الميم-عين، ما يساهم في تعزيز النظرة المعادية لهمن في المجتمع بشكل عام، ويؤثر بشكل غير مباشر في زيادة العنف الموجه ضدّهم/ن. في أيار/مايو 2015، خاض أفراد ونشطاء مجتمع الميم-عين الأردني أصعب تجاربه العلنية مع الإعلام والشارع الأردني، حين أقاموا فعالياتٍ وجلسات حوارٍ في "اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية الجنسية ورهاب العبور الجنسي والجندري (IDAHOT)" في عمّان، بحضور السفيرة الأميركية في الأردن بصفتها غير الرسمية. في غضون 48 ساعة، نقل أكثر من 100 موقعٍ الخبر، وتعمّدَ العديد من وسائل الإعلام استفزاز واستثارة الرأي العام عبر استخدام ألقابٍ وعناوين مهينةٍ مثل "حفل للمثليين بعمّان برعاية السفيرة الأمريكية". في تلك الفترة، ظهرَت مقاطع فيديو عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي صوّرَت اعتداءاتٍ جسديةً ولفظيةً ضد أشخاص اعتُقد أنهم/ن مثليّون. وفي مقابلةٍ غير رسميةٍ أجريتُها مع أحد أفراد مجتمع الميم-عين في الأردن، تحدّثنا عن تلك الفترة المظلمة، فقال لي: "أنا أمشي في شارع الرينبو كل يوم، إذ أعيش وأعمل في المنطقة. قبل حادثة (IDAHOT)، كنتُ نادرًا ما أتلقى أيّ تعليقات. لكن بعدها، لاسيما في تلك الفترة، كثيرًا ما كنتُ أسمع تعليقاتٍ من أشخاصٍ في سياراتٍ عابرةٍ يصيحون قائلين "بدكوا حقوقكم؟" لاعتقادهم بأنّني مثلي".3 وفي عام 2016، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بعنوان "ضرب شاذ في جبل الحسين... يا ريتها أمك خلفت بس"، يظهر فيه جمعٌ من الشبّان ينهالون بالشتائم والضرب على شابٍ في منطقة جبل الحسين بعمّان، لمجرّد شكّهم بميوله المثلية. لاقى الفيديو تعليقاتٍ غالبها ساخرًا، أو أخرى تحدّثَت عن مخاطر قبول المثلية الجنسيّة و"الحاجة الماسّة للتعامل بحزمٍ مع المثليّين". في المقابل، خرجت قلّةٌ قليلةٌ من المعلّقين تعلن عن رفضها السلوك العنيف مع الشاب، وتعتبر أن "محاسبة الشاب على سلوكه ومظهره هي من اختصاص الدولة والقانون". "إنه يستحق تمامًا... كل شخصٍ من هؤلاء [أي مجتمع الميم-عين] يجب القبض عليه وضربه"، كتب أحد المعلّقين تحت الفيديو الذي حذفه فيسبوك. "اضربوه بحجر"، "نحتاج إلى تثقيفهم قبل أن يتكاثروا"، "هو رح يفكر مرتين ما يروح على الشارع المرة الجاي" ، هذه بعضُ تلك التعليقات التي رصدتُها ووثقتُها في تلك الفترة. لكن ذلك الفيديو ليس وحيدًا من نوعه، فثمّة مواد كثيرة تصوّر على نحوٍ نمطي مجتمعَ الميم-عين أو الأفراد غير المعياريّين، وتروّج لتعنيفهم/ن في الأردن!

في عام 2017، نشرَت المنظمة الهولندية "الأصوات العالمية" مقالًا بعنوان "مجتمع المثليّين في الأردن بين حيادية القانون وعذاب الواقع"، تناول قصة فتاةٍ عابرةٍ اسمها فرح، كانت تعرّضَت للتحرش والاعتداء والسرقة على يد شبانٍ في العاصمة عمّان أثناء مرورها في أحد الأسواق ثم لاذوا بالفرار، وعند وصول عناصر الشرطة إلى مكان الحادثة، طلبوا إلى فرح إبراز هويتها. "كنتُ أرتدي ملابس أنثويةً وعرفتُ أن ذلك سيثير التساؤلات، لذلك قمتُ بتلفيق قصةٍ عن إصابتي بخللٍ في الهرمونات جعل مظهري يبدو أكثر أنوثةً من صورتي في الهوية"، تقول فرح. لكن الوضع تفاقم وبلغ حدّ استجوابها بشأن مظهرها ولباسها عوضًا عن التحقيق في الحادثة التي تعرّضَت لها. "سألوني عن سبب ارتدائي ملابس الفتيات وأطلقوا عليّ ألقابًا مهينةً مثل 'مخنّث'، كما اتهموني بالفحش العلني وبإخفاء هويتي مع أنّي أخبرتهم بأن تلك الهوية تعود لي وأنّي صاحبتها الأصلية".

بعد احتجاز فرح لمدة يومين، حُكم عليها بالإقامة الجبرية في المنزل لمدة ستة أشهر من أجل "حمايتها". تفرض الإقامة الجبرية وجوب العودة إلى المنزل كل يومٍ قبل الساعة الخامسة، والتوجه إلى مركز الشرطة يوميًا لإثبات عدم السفر. قالت فرح في مقابلة لها لموقع منظمة "الأصوات العالمية": "ذهابي إلى مقرّ الشرطة كل يومٍ أمرٌ مرير. كل يومٍ أواجه الإهانة والإذلال، وأتعرّض للتفتيش الجسدي عند دخولي، ويتعمّدون لمس جسدي بطريقةٍ تجعلني أشعر بالانزعاج. أنا الوحيدة التي تتعرّض للتفتيش الجسدي من بين كل الأشخاص الذين يأتون يوميًا إلى مركز الشرطة لإثبات عدم السفر". يزداد هذا الوضع تعقيدًا وخطورةً بالنسبة لمجتمع العابرين/ات في الأردن، لاسيما النساء العابرات. تنصّ المادة 307 من قانون العقوبات الأردني على أن "كل رجلٍ تنكّر بزيّ امرأةٍ فدخل مكانًا خاصًا بالنساء أو محظورًا دخوله وقت الفعل لغير النساء، عوقب بالحبس مدةً لا تزيد على ستة أشهر". لكن على أرض الواقع، يواجه مجتمع العين التحرّش والمضايقات حتى في الأماكن العامة. فإن كان الشارع الأردني غير آمنٍ لأفراد مجتمع الميم-عين، هل يشكّل الفضاء الإلكتروني بديلًا عنه؟

النّت يوسّع دائرة التمييز والعنف

تؤدّي شبكة الإنترنت دورًا مهمًا ومثيرًا للقلق في تأجيج التمييز في العالم الواقعي، بل حتى التسبّب في العنف الجسدي ضد أفراد مجتمع الميم-عين. في بدايات عام 2021، انتشر سريعًا على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لشابٍ "أنثوي" المظهر يرقص مع فتاةٍ في الشارع العام بمدينة عمّان رفقة مشاهدين متحلّقين حولهما. حمل الفيديو عنوان "فيديو راقص لفتاة و'شاذ' في منطقة عبدون يثير مواقع التواصل في الأردن"، وقوبل بتعليقاتٍ غالبها ساخرٌ أو يطالب بالحاجة الماسّة "للتعامل بحزمٍ" مع المثليّين و"معالجة" الأمر. "الشباب مبسوطين؟ بدل ما يضربوهم؟؟"، "يجب أخذ أشد العقوبات بهذه الأشكال لكي لا يتجرأ أحد على فعل هذه الأشياء المقرفة"، و"وين حكومتنا منهم، شاطرين ع كمامه يقيموا الدنيا ويقعّدوها"، هذه بعض التعليقات التي وردَت على الفيديو.

صورة لرسالةٍ تم تداولها على تطبيق المواعدة "غرايندر" تحذّر من حالات الابتزاز والعنف التي قد يتعرض لها المثليون من خلال التطبيق.

في الماضي، رأينا مواد تُنشر على المواقع الإلكترونية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي محمّلةً بصورٍ وفيديوهاتٍ التُقطَت خلسةً لأشخاصٍ ذوي وذوات مظهرٍ غير معياري، من دون الحصول على موافقتهم/ن. "شاذ يتجول بـ'الفيزون الشفاف' في أحد مولات عمّان"، و"مخلوق غريب يزور كوكب الأرض اليوم، ويهبط في عمّان"، و"كارثة اجتماعية تهدّد الأردن"، هذه بعض العناوين التي يستخدمها الإعلام الأردني للحديث عن قضايا مجتمع الميم-عين أو الأشخاص غير المعياريّين.

ومن بين الأمور التي نسمع عنها من حينٍ لآخر، قصصٌ مشتتةٌ عن أشخاصٍ يتواعدون مع آخرين عبر تطبيقات المواعدة، ليُفاجأوا لدى وصولهم إلى المكان المُتفق عليه، بوجود أشخاصٍ آخرين ينتظرونهم، أو بردّ فعلٍ عنيفٍ من الطرف الآخر تنتهي إما بالضرب أو الاعتداء، وقد تصل حدّ الاختطاف والتهديد بالسلاح! ففي رسالةٍ تم تداولها على "غرايندر" - أحد تطبيقات المواعدة الخاصة بمجتمع الميم-عين (لاسيما الرجال المثليّين) - في الأردن مؤخرًا، ورَدَ التحذير التالي: "يا إخوان ديروا بالكم ليصير معكم مثل ما صار معي. أنا يا اخوان ضحية ابتزاز حاليًا. مبارح تقابلت مع شخص وطلع معه أشخاص ثانيين زي عصابة، انضربت وانسرقت، لا توثقوا بحد، لأني جد مش عارف شو أعمل، أنبّه اقلها، ديروا بالكم موجودين النوعين سالب أو موجب، أنا الله خلّصني بس عشت ظلم وقهر ما برضاه لحد ولله".

"اعتقدتُ أني سأخرج في موعدٍ مع رجل"، قال أحد الضحايا في مقابلةٍ أجريتُها معه بعد أن تمّ ابتزازه عن طريق أحد تطبيقات المواعدة. "كنتُ أتحدّث إليه طيلة أسابيع، واشترط عدم الكشف عن هويته. عندما كنا في السيارة، توقّف ليلتقط رجلًا آخر، بالرغم من معارضتي الفكرة. الرجّالين صاروا يهدّدوا فيني. قالولي إنهم رح يفضحوني إذا ما بعطيهم مصاري! كان عم بسوق بسرعة كبيرة، بس أنا فتحت الباب ورميت حالي من السيارة. بعد هيك، ظلهم يحكوني تلفونات ويبعتولي رسايل زَي 'نحن عارفين وين إنت ساكن' ومن هالحكي... ودفعت لهم مش أقل من 1200 دينار (1694 دولارًا أميركيًا) على مدى كذا شهر. انتهى الموضوع لما أخد سيارتي مرة سلفة، وبعدها بكذا ساعة إجتني مكالمة من شرطي في مدينة أخرى في الأردن، بقول لي إنو 'في رجال تمّ القبض عليه وهو يبتز عدة أشخاص من خلال انتحال صفة شرطي'! لحسن حظي إنو الشرطي اللي أخذ إفادتي ما سألني أي شيء بخصوص تطبيق المواعدة". 

صور لحالة ابتزاز تعرّض لها أحد أفراد مجتمع الميم-عين على فايسبوك.

وفي حديثٍ آخر مع ضحيةٍ أخرى لعملية ابتزازٍ عبر فيسبوك، بلغ الأمر حدّ التهديد بالاتصال بالعائلة وكشف مثلية الشخص وفضح حديثٍ جنسي وخاصٍ حصل بينهما. وقال: "واحد اتعرّفت عليه قبل فترة وصار بيننا حكي ع فيسبوك. الشاب طلب مني مصاري وكنت حاب أساعده، وعشان اتأخرت عليه بلّش يهدد. كان عامل سكرين شوت للمحادثة وبهدّد يبعتهم لأهلي، وخفّ عقلي من الموضوع!"4 انتهى الأمر باتباع الضحية نصيحة أحد النشطاء بالاتصال مباشرةً بوحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الأردن، من غير التطرّق إلى مسألة المثلية الجنسية، لأن القانون الأردني لا يعترف بالتوجّه الجنسي وبالتالي لا يجرّمه، ما يعني أن المشكلة الرئيسة هي التعرّض للابتزاز من قبل شخصٍ على الإنترنت. وبالفعل، زوّدته وحدةُ مكافحة الجريمة الإلكترونية بعددٍ من النصائح والإجراءات التي اتبعها، ونجح في مداراة الأمر من دون أن تُكشف هويته أمام عائلته.

نجاحات رغم الصعوبات 

تنص المادة السادسة من الدستور الأردني على "حماية المواطنين من التمييز بسبب العرق أو اللغة أو الدين"، إلا أن هذه الحماية لا تشمل الأقليات والمجموعات المهمّشة والتوجّهات الجنسية والجندرية المختلفة. هذا الموقف الرمادي في القوانين الأردنية هو ما يسمح بالتمييز الذي يعانيه أفراد مجتمع الميم-عين بصورةٍ يومية. مؤخرًا، أجريتُ حديثًا مع حسن الكيلاني، وهو ناشطٌ وكاتبٌ من مجتمع الميم-عين في الأردن منذ أكثر من عشر سنوات، تناولنا فيه كمية الانتهاكات التي ارتُكبَت في العقد الأخير، والتغيّرات السلبية تجاه أفراد الميم-عين في الأردن وكيفية توثيقها وتفعيل آليات المساءلة. يقول حسن إننا "كي نتمكّن من تحقيق نجاحاتٍ ولو بسيطةٍ في الحراك الكويري في المستقبل، علينا أيضًا إدراك كمية النجاحات التي حقّقناها في الماضي". ويضيف: "أنا شخصٌ من هذا المجتمع، ومن تجربتي الشخصية، لم أكن أتوقع قبل عشر سنوات أن مواضيع الجنسانية التي كانت من أكبر المحرّمات الاجتماعية، سيصبح ممكنًا طرحها بهذه الصورة العلنية. وإن كان ثمّة أشخاص ضدّ الموضوع، ما زال هناك رجالٌ ونساءٌ محافظين وتقدّميّين لديهم/ن رأيٌ وطرحٌ في هذا الشأن. هذا يعني أن المجتمع خرج من دائرة إنكار وجود مجتمع الميم-عين في الأردن. الآن، يجب أن نتحدّث عن حماية مواطنين ومواطناتٍ من ضمن النسيج المجتمعي، يتعرّضون للكراهية والعنف الممنهج من دون وجود آلياتٍ واضحةٍ وصريحةٍ لحمايتهم/ن".5

 

 

  • 1رهاب المثلية أو "الهوموفوبيا" هو المعاداة والخوف أو الكراهية اللاعقلانية من أصحاب وصاحبات الميول والهويات الجنسية غير النمطية.
  • 2في عام 2018، أقرّت لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب الأردني قانون المسؤولية الطبية والصحية الذي يحظر إجراء عمليات الجنس، وينص على معاقبة من يجريها بالسجن لمدة قد تبلغ 15عامًا.
  • 3مقابلة شخصية مع مجهول، مقيم في شارع الرينبو، عمّان، الأردن، 26 تشرين الأول/أكتوبر 2021.
  • 4مقابلة شخصية مع مجهول مقيم في عمّان، عمّان، الأردن، 13 أيلول/سبتمبر 2021.
  • 5مقابلة شخصية مع حسن الكيلاني، حاصل على الماجستير في السياسات النسوية الكويرية، 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.

خالد عبد الهادي

خالد عبد الهادي أردني وفلسطيني وكردستاني وبدوي. فنان بصري وناشط حقوقي ومؤسس مجلة "ماي كالي" الإلكترونية، وهي موقع مفاهيمي، كويري ونسوي حيث يعمل رئيسًا للتحرير ومديرها الإبداعي. يركّز خالد على زيادة الوعي وإبراز وتوثيق قضايا وانتصارات مجتمع الميم-عين في المنطقة. هنا صفحة خالد على إنستغرام.

إضافة تعليق جديد

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.