يمكن لتطبيقات مثل تندر أن تصبح مساحات للتعبير عن النفس للعديد منا، ممن يحوزون أجسادًا غير معيارية وإعاقات بصرية.
هذا النص منقول عن قصص الجلد - Skin Stories
رسم Upasana Agarwal
ترجمة: حسين الحج
مضى زمنٌ طويل وأنا بدون أي علاقةٍ عاطفيةٍ بسبب ضعف بصري، زمن طويل للغاية يستوجب معه أن أجهد ذاكرتي كي أسترجع المرة اﻷخيرة التي ارتبطت فيها عاطفيًا. إذا بدا ذلك مملاً بالنسبة لي، ففكروا أيضًا في حقيقة أنني محاط بأناس غارقين في الحب أو على الأقل يدّعون أنهم كذلك.
يمتلئ حسابي على فيسبوك بأخبار الزواج والعلاقات العاطفية الحديثة، وصديقي الذي اعتاد الشكوى من مدى رداءة حياته، وقع فجأة في الحب بل يشعر بأنه وجد حب حياته. وأنا، أين كنت من كل هذا طيلة هذا الوقت؟ بالتأكيد خارجه، ويبدو أن ذلك لن يتغير قريبًا.
منذ عدّة أشهر، وضعت إحدى صديقاتي يدها على كتفي وطلبت مني أن أفتح حسابًا على تندر. قهقت وأخبرتها أنني لا أريد أن أنشر حماقتي على الملأ كي يراها الجميع، لكنها كانت عنيدة، وسألتني أن أفكر باﻷمر، وكانت محقة، كان عليَّ أن أفكر كثيرًا بخصوص هذا اﻷمر.
كان أول اﻷسئلة وضوحًا: هل يجب عليَّ ذكر إعاقتي مقدمًا أم عليَّ أن أعطي بعض الوقت لرفيقتي المنتظرة بعض الوقت حتى تتفهمني ثم أكشف أمر إعاقتي؟ وكما اعتدنا مع اﻷسئلة المحيرة في زماننا، لجأت إلى جوجل كي يجيبني، لكنه ألقى عليَّ بنصائح متضاربة.
وحدي أنا من بإمكانه تقرير ما سأفعله. وبما أنني أرى إعاقتي مكونًا أساسيًّا من كينونتي، قررت أن أذكر في الوصف القصير على صفحتي الشخصيّة أنني متعايش معها. أدركت أنني لا أريد تجنّب ذكر خصيصة في جسدي لست أراها بشكل سلبي، وقررت أنني لا أبالي إذا حصلت على انزلاقة على اليسار من إحداهن بسبب إعاقتي.
ثم كان هناك سؤال أكثر إلحاحًا، حيث أن التحدي اﻷكبر عند الحديث عن العلاقات العاطفية واﻹعاقة هو كون أصحاب الإعاقة لا يُنظر إليهم عادةً كشركاء محتملين، فكيف لي أن أقترب من إحداهن إذا لم ترني كرفيق محتمل؟ وكيف يمكن لتطبيق مواعدة أن يختلف في هذا الشأن عن أي سيناريو على أرض الواقع؟
بعد التفكير في هذا اﻷمر لبعض الوقت، أدركت أن لدي إجابة بديلة مشوقة؛ وهي أنه بمجرّد إنشائي لحساب شخصي على تندر وذكر إعاقتي في الوصف الشخصي، فإنني بهذا أصرّح بالفعل أني رفيقٌ محتمل، وأعلن أني أستحق المواعدة، وأن الناس على الجانب اﻵخر لا يمكنهم تجاهل هذا مطلقًا.
وهكذا، اشتركت أخيرًا في تندر وكتبت ما يبدو أنه وصف شخصي ظريف. كنت متأكدًا أنني لن أحصل على أي نتيجة، وتأكّد خطأي عندما حدثت أول
هاكم بعض الوصوف الشخصيّة من حسابات من توالَفت معهنّ في البداية:
“إنه لأمرٌ غريب. أن أكتب عن نفسي بينما لا أكون على تندر، وأن أكون أيضًا على تندر. فأنا دحّيحة قيد التطوير، وقارئة، وراقصة، وكثيرة السفر، ومهندسة سابقة، ومبالغة في التفكير بدوام كامل. ولدي قدرة خارقة طبيعية في اجتذاب الحمقى. لذا أرجوك أن تكسر هذا النمط."
"تذكر، الجو مشمسٌ دائمًا في فيلادلفيا1 "
"ماذا يدعى ريك المخلل في الصيف؟ ريك المخلل2 #أوك_باي"
يقولون أن هناك كثيرٌ من الهراء على تندر، لكن لم تكن تلك تجربتي معه، وأعتقد أن ذلك لأن إعاقتي كانت بمثابة مصفاة عظيمة وﻷنني أنظر عادةً إلى السيرة الذاتية للشخص قبل أن أمرر صفحته يمينًا أو يسارًا. أغلب اللواتي توالَفتُ معهن كن شديدات الحساسية، وعلمن جيدًا ما الذي كن يفعلنه، فقد كن نساء ذكيّات جدًا.
بالتأكيد، سألني معظمهن عن كيفية قراءتي من الشاشة، وكيف أستطيع تدبر حياتي، وهكذا. لكن هذه اﻷسئلة أتت من نساء يبدو أن لديهن قلوب طيبة، واللاتي أظهرن فضولاً حقيقيًا نحوي. ربما كان عليهن أن يبحثن بأنفسهن عن ما يشبه حالتي، لكنني أستطيع تفهّم المعرفة المحدودة لدى اﻷشخاص بدون إعاقة عن ذوي اﻹعاقات. وفوق كل هذا، فقد تبادلت اهتمامات مشتركة مع أغلبهن. كنّ نسويات ويساريات ونساء لديهن آراء حول الحياة. حظيت بمحادثات جيدة مع من توالَفت معهن، كما وجدت نفسي ألتقي ببعضهن لاحتساء القهوة أو مشروبات أخرى. حتى في أقصى خيالاتي، لم أتوقع أنهن سيبذلن الجهد من أجل لقائي، لكن بعضهن فعل ذلك.
كان إيجاد مساحات ملائمة وسهلة الوصول لها ويمكن التعرّف عليها بسلاسة على خرائط جوجل مهمة خارقة. وفجأة، أصبحت مومباي التي أحبها غريبة عنّي قليلاً. لكنني استطعت أن أجد بعض اﻷماكن الجيدة، كنت قد زرت بعضها في الماضي، أما الباقي فرشحهم لي أصدقاء لي أصحاب إعاقة.
بالرغم من أن العديد من وليفاتي على تندر غادروا لقاءاتنا غير محددين، وبعضهن أردن علاقة أفلاطونية، إلا أن بعضهن اعتبرنني رفيقهن في موعد عاطفي. كنت مرتاحًا مع كل ذلك. في النهاية، كلهن كان أمامهن الخيار في تمريري لليسار، ولم يفعلن ذلك. كثير منهن سألنني أسئلة لطيفة، وأعطينني وجهات نظر جديدة حول اﻹعاقة والحياة، واستطعن ضمنيًا أن يرفعنني من حالة الخمول التي كنت أعانيها، ولم يطلبن مني سوى أن أكون نفسي.
يمكن لتطبيقات مثل تندر أن تصبح مساحات للتعبير عن النفس للعديد منا، ممن يحوزون أجسادًا غير معيارية وإعاقات بصرية. ما زلت هناك أمرر الصفحات يمينًا ويسارًا على أمل لقاء قرينة حياتي، ربما تكون على الشاشة أمامي اﻵن، أو تكون على مبعدة أيامٍ قليلة أو شهور. أو ربما لن تأتي أبدًا.
أنا لست واثقًا مما يخبئه المستقبل، لكنني في الوقت الذي قضيته على تندر حتى الآن، أُقدّر أنه أتاح لي بأن أكون على طبيعتي وأن أسترخي، بغض النظر عن إذا ما شاهدت نتفيلكس أو لم أفعل.
إضافة تعليق جديد