اضطرت مريم (25 عامًا) للعودة إلى سوريا مع طفلتيها لتأمين رعاية طبية تضمن سلامة ولادتها، بينما بقي زوجها في لبنان. نزحت مريم مع عائلتها من صور (جنوبي لبنان) في 23 سبتمبر/أيلول 2024. لم يحملوا معهم سوى الملابس التي يرتدونها دون أية ممتلكات أخرى.
احتفظت مريم في حقيبتها الصغيرة بإيصال من طبيبتها يُحدد موعد ولادتها واسم المستشفى وحاجتها لعملية قيصرية من المفترض إجراؤها في 12 أكتوبر/تشرين الأول. بحثت العائلة عن مأوى جمعيات تساعدها في تكاليف العملية لكن دون طائل، فكان القرار بعودة مريم إلى سوريا.
لهناء - وهي لاجئة سوريّة في لبنان - قصة مشابهة، إذ بقيت مع عائلتها وثلاث عائلات أخرى في سيارة "رابيد" لمدة 48 ساعة أثناء رحلة نزوحهم من بلدة صديقين جنوب لبنان إلى البقاع، إلى أن وصلوا بعد عناء إلى أحد مراكز الإيواء التابعة لجمعية "كياني".
وكانت هناء أولى السيدات اللواتي اختبرن الولادة المبكرة في مركز إيواء النازحين/ات السوريين/ات بعد أربعة أيام فقط من إقامتهم/ن به. أنجبت طفلتها قبل يوم من شهرها التاسع. لم يكن من السهل على زوجها خالد بذراعه المصابة نتيجة القصف الوقوف لساعات أمام باب المستشفى بانتظار الموافقة على إدخال زوجته غرفة الولادة.
طالب المشفى بدفع التكاليف إضافة إلى التأمين ريثما توافق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) على تغطية جزء من نفقات الولادة. لاحقًا ساعدت بعض الجمعيات المحلية في تغطية هذه النفقات وتوفير الأدوية المطلوبة.
غادرت هناء المستشفى، لكن مولودتها بقيت في وحدة العناية المركزة للأطفال الخدج بسبب معاناتها من نقص الأكسجين.
تروي هناء: "تعبت نفسيًا جدًا.. عشت القهر على نفسي وعلى أولادي وزوجي، وبسبب ما حدث لنا أصبحت أعاني من مغص شديد، فذهبت إلى مستشفى قريب من مركز الإيواء، وبقينا أمام الباب حتى دُفع مبلغ التأمين المالي".
بعد خروجها من المستشفى عادت هناء إلى المركز، ولا تزال تقيم فيه مع خمس عائلات في غرفة واحدة. وقبل بدء هطول أمطار الشتاء، كان الرجال يخرجون للمبيت في باحة المدرسة بينما تنام النساء والأطفال في الغرفة.
تخبرنا هناء عن معاناتها في الوصول إلى الحمام لأن الغرفة بعيدة عنه، وهي تحتاج إلى شخصين لمساعدتها في الوصول إليه كل مرة.
لعبدالله وعائلته قصة أخرى، حيث بقوا من 23 سبتمبر/أيلول حتى 10 أكتوبر/تشرين الأول في الشوارع يبحثون عن مركز إيواء في سهل البقاع، خاصة أن زوجته اختبرت ولادة مفاجئة خلال هذا الوقت، ويقول عبدالله "مع وصولنا إلى باب المركز بدأت آلام المخاض والنزيف عند زوجتي. تركت الأولاد في المركز، والمسؤول استقبلنا وراعى وضعنا. توجهنا إلى المستشفى، لكنهم رفضوا إدخالنا، مطالبين إيانا بدفع بـ 150 دولارًا كتأمين. عدت إلى المركز لأرى كيف يمكننا تدبيرها، وهناك أعطاني إياها المسؤول نفسه لكي أتمكن من إدخال زوجتي إلى غرفة الولادة".
لا مكان في المستشفيات
أدى التصعيد العسكري الإسرائيلي على لبنان منذ نهاية سبتمبر/أيلول، إلى نزوح مئات آلاف العائلات اللبنانية والسورية من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت وبلدات البقاع. وقد فاقم هذا النزوح من معاناة النساء، خصوصًا اللاجئات السوريات في لبنان، في ظل اكتظاظ مراكز الإيواء ونقص الخدمات الأساسية والرعاية الصحية، بالإضافة إلى زيادة مخاطر التعرض للعنف وصعوبة الوصول إلى الماء النظيف والفوط الصحية.
وقد أشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في تحديث نشره في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر إلى إجبار العديد من المستشفيات على الإخلاء، خاصة مع ازدحام المستشفيات المتبقية بالجرحى، ما يصعّب حصول النساء خصوصًا الحوامل على الرعاية اللازمة.
تمرّ النساء خلال فترة الحمل بتغيرات جسدية ونفسية وهرمونية يصعُب التعامل معها في أيام السلم، فكيف في أوقات الحرب وتحت نيران القصف ورحلة النزوح الاضطراري إلى المجهول؟
تُحدثنا ناشطة سورية (فضلت عدم ذكر اسمها) تعمل في مجال الدعم النفسي والاجتماعي والإسعافات النفسية الأولية في منطقة طرابلس شمال لبنان، قائلةً "إنّ موضوع الصحة الإنجابية والنفسية للاجئات السوريات شائك جدًا، خصوصًا أن المفوضية لا تغطي أكثر من 50 بالمئة من تكاليف الولادة، فيما لا يتوفر ما بقي من المبلغ مع العديد من اللاجئين/ات. إذ إن مراكز الرعاية الأولية لا تقدّم الخدمات بشكل مجاني، لكن الكثير من المراكز في طرابلس عملت على تخفيض التكاليف للاجئات".
عدد مراكز الإيواء في طرابلس ضئيل مقارنة بأعداد النازحين الواصلين إليها، ومعظم العائلات السورية لا تزال دون مأوى وتقيم في الشوارع أو بين أشجار الزيتون في سهول منطقة عكار. تحدّثنا الناشطة عن سيدة حامل التقتها كانت على وشك الولادة وتبحث عن تتمة نفقات الولادة، مما سبب تدهورًا في حالتها الصحية.
حاولت بعض الناشطات مساعدتها بتأمين تغطية تكاليف الفحوصات المخبرية والعملية، لكنها لم تكن كافية لعدم توفر مساعدات إنسانية ودعم إغاثي كافٍ في طرابلس، إذ أن معظم المساعدات تعتمد على مبادرات فردية يقدمها الأهالي وفاعلي وفاعلات الخير في المنطقة.
الواقع مشابه في بلدة عرسال شمال شرق لبنان، حيث نزحت مئات العائلات اللبنانية والسورية. وقد فُتحت مراكز الإيواء (المدارس الرسمية) للعائلات اللبنانية فقط، فيما لجأت العائلات السورية إلى أقاربها في المخيمات.
يعيش النازحون والنازحات في هذه البلدة ظروفًا مأساوية بسبب التهميش والاكتظاظ السكاني والطبيعة الجردية القاسية، وسط انعدام شبه تام للخدمات وقلة المساعدات. وتزيد الصعوبات على الأشخاص الذين لجؤوا إلى المخيمات، بسبب مساحة الخيم الصغيرة إلى جانب البرد القارس والحاجة للتدفئة والأغطية والفرشات.
وداد الأطرش، وهي عاملة اجتماعية صحية متطوعة مع مؤسسة عامل في عرسال، تخبرنا أن الخدمات التي تقدمها المؤسسة لجميع السيدات الحوامل في البلدة، تقتصر على توفير المعاينة المجانية مع القابلة القانونية، إلى جانب تقديم بعض الفيتامينات عند توفرها.
مُشيرة إلى أن اللاجئات السوريات لا تحظين بتغطية مادية لتكاليف الولادة أو للفحوصات الطبية اللازمة، رغم وجود مراكز صحية تقدم خدمات رعاية أولية، ولكن ليست كلّها مجانية.
النجاة بأعجوبة
تحدثت لاجئات سوريات نازحات ممن هن حوامل أو أنجبن خلال رحلة النزوح بفعل الضربات الإسرائيلية لجيم. وتقول كثيرات منهنّ أنهنّ نجون بأرواحهنّ وأرواح الأجنة في بطونهنّ بأعجوبة.
في بداية الحرب احتاجت اللاجئات السوريات إلى إحالة مسبقة من الطبيب والمتابعة مع المستشفى، وتلك هي الإجراءات المتبعة عادة من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR.
بعد أسابيع من بداية الحرب تحسنت الخدمة بشكل طفيف، وأصبحت المفوضية تتابع دخول اللاجئات السوريات بسرعة أكبر مع المستشفيات، مع توفير تسهيلات لدخولهن إلى غرف الولادة مباشرة. ولكن بقي تحديّ الفاتورة عائقاً أمامهنّ، إذ قد تبلغ قيمة النفقات بعد تغطية المفوضية نحو 155 دولارًا للولادة الطبيعية و260 دولارًا للولادة القيصرية.
ظروف اللاجئات السوريات في مراكز الإيواء في البقاع سيئة للغاية، مع انعدام الخصوصية وإقامة عدّة عائلات في غرفة واحدة تتشارك الحمّامات، التي تبعد عن غرف المركز.
تفتقر هؤلاء السيدات لحاجات أولية مثل الفوط الصحية والألبسة ومتطلبات الرعاية الصحية الأولية والأدوية والفيتامينات والمكملات الغذائية.
وتعيش الحوامل في تلك المراكز كغيرهنّ من النازحين والنازحات على وجبات الأرز المطبوخ، وبعض حصص المعلبات التي تقدمها بعض الجمعيات المحلية.
عدم توافر أبسط مقومات الحياة يضاعف الضغوطات الملقاة على عاتق النساء، ما يدفع بعضهنّ إلى تفريغ بعض القهر النفسي بتعنيف أطفالهنّ، وهو ما يزيد من الفوضى في أماكن السكن الجماعي.
يقول الدكتور بلال الويس، وهو أخصائي في أمراض القلب ومتطوع مع جمعية Endless Medical Advantage "إنّ نسبة كبيرة من الأشخاص يعانون مؤخراً من تسارع في معدل نبضات القلب وارتفاع الضغط نتيجة الخوف، خاصة النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين عشرين و40 سنة". ويضيف أن تأثير ذلك يكون مضاعفًا لدى الحوامل، إذ يعانين إلى جانب تسارع النبض من ضيق في التنفّسي والتعرّق الزائد".
تقدّم جمعية EMA خدمات الرعاية الصحية في عيادات نقالة في مخيمات اللاجئين السوريين في البقاع وحاليًا في مراكز الإيواء، كما تعمل على تغطية جزء من المبلغ المتبقي لولادة النازحات في حال توفر الدعم لديها.
الوضع النفسي "تعيس"
تصف منال شخاشيرو، وهي ناشطة اجتماعية نفسية تتابع وضع النساء والفتيات في مراكز الإيواء في البقاع، بأنّ الوضع النفسي للحوامل والنساء اللواتي ولدن في مراكز الإيواء بـ "التعيس"؛ فهنّ يعشن طيلة الوقت وسط الضجيج والصخب وبنفس الثياب على مدار الأيام. لا آذان صاغية لاحتياجاتهنّ وهن خائفات من أن تتكرر تجاربهن القديمة خلال الأحداث في سوريا.
تصف منال ما تعاينه بأعراض الاكتئاب: "دعونا نضع أنفسنا مكان هذه السيدة التي ولدت في المستشفى، وعادت إلى غرفة في مركز إيواء جماعي لا توجد فيه أدنى مقومات السلامة لها، فهي تستلقي على إسفنجة غير مريحة لجسدها الموجوع المليئ بالقطب الطبية، بجانب محاولات الوصول للحمام المُشترك العام التي تكون في غاية الصعوبة".
وعن وضع الطفلات والأطفال حديثي الولادة تضيف منال "لاحظت من خلال متابعتي أنّ الأطفال الذين ولدوا حديثًا خلال فترة النزوح كانوا بحاجة لعناية طبية في المستشفيات داخل الحاضنات، كما أنهم يعانون طيلة الوقت من البكاء الحاد، خاصة في ظل عدم تمكن الأمهات من إرضاع أطفالهنّ".
وتتابع: "هؤلاء الرضّع عاشوا في أرحام الأمهات على مدار تسعة أشهر من الصعوبات والضغوطات النفسية، فالحرب لم تبدأ في أيلول/ سبتمبر المنصرم، بل بدأت منذ عام كامل على الشريط الحدودي جنوب لبنان. تراكمت تلك التأثيرات طيلة فترة الحمل وتبدو نتائجها في صحة الأمهات وأطفالهن مع الأسف".
في مواجهة العنصرية
مع بداية التهجير من جنوب لبنان، التقينا بأربع عائلات سورية نازحة من عدة بلدات في صور، مشت هذه العائلات مسافات طويلة حتى وجدت وسيلة نقل عامة توصلها إلى جسر "الكولا" في بيروت، ومن ثم إلى ساحة شتورة في البقاع حيث كانت تقصد أقارباً لها في مخيمات البقاع الأوسط.
رحلة النجاة لم تكتمل، فقد أبلغ جهاز أمن الدولة جميع مدراء المخيمات (الشاويشية) بعدم استقبال أي نازح سوري جديد.
كما سجل ناشطون/ات حقوقيون/ات في بداية الحرب والنزوح أحداث هدم بعض الخيام التي آوت عائلات سورية نازحة، وبسبب هذه الظروف الأمنية الصعبة تشتت أفراد العائلات السورية، فعاد بعضاً منهن/م إلى سوريا قسرًا، والآخرين/ات تفرقوا/ن بين منازل الأقارب والمعارف، والقلّة استطاعت استئجار مسكن مع عائلات أخرى. لكن الأغلبية نامت في الشوارع والساحات العامة للبلدات التي وصلت إليها.
وتعرضت النساء السوريات للكثير من الانتهاكات خلال رحلة النزوح الطويلة؛ من تحرش وسرقة وعنصرية لكونهن سوريات، وهو ما تداولته مجموعات واتسآب بتسجيلات توثّق تلك المواقف.
وتواجه اللاجئات السوريات تحديات عديدة منها أمنية واجتماعية ومعيشية واقتصادية وصحية ونفسية. ولا تزال العنصرية قائمة من بعض الكوادر الطبية في المستشفيات ومن السلطات المحلية والأمنية والمنظمات الإغاثية.
ورصدت ناشطات حقوقيات العديد من حالات الإخلاء القسري العنيف من قبل بعض الأجهزة الأمنية لعائلات سورية نازحة كانت قد لجأت إلى مراكز إيواء مخصصة للبنانيين في البقاع. وكانت تلك العائلات دخلت المراكز بشكل مؤقت بتضامن من بعض المسؤولين، لكن سرعان ما طردتهم الأجهزة الأمنية، وتعرّضوا للتمييز في توزيع المساعدات والطعام.
وتروي سيدة سورية نازحة كانت في أحد مراكز البقاع الغربي المخصص للبنانيين، أن "الصليب الأحمر" جاء لتوزيع مبلغ مالي وبعض الطعام، لكن مدير المركز منعهم من إعطاء أي شيء للسوريين. وعند توزيع وجبات دجاج من المطاعم لم يسمح بإعطاء السوريين منها، فاقتصر طعامهم/ن على بعض المعلبات.
ووثّقت ناشطات و نشطاء محليون انتهاكات وحالات طرد تعسفية يتعرض لها اللاجئون السوريون من مراكز الإيواء، وذلك أمام مرأى ومسمع "مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
كذلك رصد مركز "وصول" لحقوق الإنسان عملية إخلاء للاجئين السوريين من أحد مراكز الإيواء في بلدة عرسال واستبدالهم بعائلات لبنانية نازحة.
ونشرت مواقع محلية لبنانية بيانًا صادرًا عن "لجنة الأهل في مدرسة مي الأولى الرسمية للبنات - طرابلس" يطالب بإخلاء المدرسة من النازحين السوريين.
في هذا السياق نشر "المركز اللبناني لحقوق الإنسان" نداءً موجهًا إلى الجهات المعنية (البلديات وهيئة الطوارئ) صادرًا عن عدد من الجمعيات والمنظمات بشأن إشغال النازحين للمساحات العامة؛ وتضمن النداء سردًا لبعض الانتهاكات التي تعرض لها النازحون والنازحات، إضافة إلى مطالب بتحديث خطة الطوارئ وفتح الحدائق العامة لإيوائهم/ن بشكل مؤقت، بجانب الامتناع عن استخدام القوة ضدهم/ن وتوفير بدائل لهم وعدم التمييز ضدهم/ن.
ومن جانبها لم تفتح مفوضية اللاجئين مراكز خاصة للاجئين السوريين في لبنان، واكتفت بالتعاون مع الجمعيات المحلية التي تقدم المساعدات للفئات المهمشة.
مساعي محلية لتوفير الخدمات
افتتحت جمعية "كياني" في البقاع الأوسط خمسة مراكز لإيواء 820 نازحًا سوريًا، بينهم 152 امرأة و71 فتاة، منهن ست حوامل وست أنجبن أطفالهنّ في هذه المراكز.
هذه المراكز عبارة عن غرف خشبية تحيط بساحة رملية، وفي كل مركز أربعة حمامات فقط. وقد بادرت الجمعيات المحلية والأفراد منذ بداية النزوح لدعم هذه المراكز وتجهيزها، وتقديم خدمات الإغاثة والدعم النفسي للنازحين و النازحات .
عملت بعض الجمعيات في البقاع على إيواء أكبر عدد ممكن من العائلات السورية في مراكزها، وتقديم الطعام والفرش والأغطية مثل "فريق ملهم التطوعي"، و"جمعية بسمة وزيتونة". كما قدمت بعضها مستلزمات النظافة الشخصية والملابس مثل جمعية FreeShop، ومستلزمات نسائية وحليب وحفاضات الأطفال مثل جمعية النساء الآن، وجمعية "سامز ".
كما استأجرت جمعيات أخرى، مثل EMA و"Frontliners"، مبانٍ لإيواء بعض العائلات، كما فتحت جمعية "ضمة" مراكزها التعليمية لاستقبالهم، بالإضافة للعديد من المبادرات في المنطقة.
وعلى الرغم من زيارة العيادات الطبية المتنقلة لهذه المراكز، إلا أنها لا توفر عيادة نسائية، ولا يوجد رعاية صحية خاصة للنساء الحوامل وخلال مراحل ما بعد الولادة. ومؤخرًا، بدأت بعض العيادات النقالة بتقديم خدمات لقابلات قانونيات، إلا أن دورهن اقتصر على الإجابة عن الاستفسارات فقط. في المقابل، تفضل السيدات إجراء فحوصات متخصصة داخل مراكز توفر لهن خصوصية طبية أكبر، ومجهزة بأدوات كشف متطورة مثل التصوير الشعاعي والإيكوغرافيا.
لا خطط فعالة
يقول مروان علي، وهو متطوع في مراكز "كياني" أن "مفوضية اللاجئين لا تقوم بدور فعال، مع أنها المسؤولة عن حماية اللاجئين السوريين، وبالتالي فإن الكثير منهم ما زالوا في الشوارع بلا مأوى. الجمعيات المحلية هي التي تقوم بكل شيء رغم مواردها المحدودة، وبعضها لا يتمتع بخبرة في الإغاثة والطوارئ."
ويضيف مروان "بعض الاحتياجات الأساسية متوفرة، لكن هناك احتياجات مهملة مثل احتياجات النساء الحوامل والمرضعات والأطفال حديثي الولادة وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن. ولا نعرف إلى متى ستبقى هذه الجمعيات قادرة على تقديم المساعدات. فبرغم أن هناك فائض في أنشطة الدعم النفسي، لكننا نفتقر إلى مواد التدفئة مع برودة الطقس والأغطية غير كافية. ركبنا سخانات مياه في الحمامات لكن لا يوجد مازوت لتشغيلها. وكانت العائلات تسخن المياه في الشمس سابقًا لكن هذا مستحيل الآن".
من جانبها تتحدّث منال شخاشيرو عن "ضرورة توجيه المساعدات بشكل فعال، مع مراعاة الاحتياجات الحقيقية لكل فئة، وخاصة النساء، إذ يجب توفير أماكن إيواء مناسبة للنساء الحوامل وتقديم الفيتامينات لهن، والمعاينة لدى طبيب مختص خلال فترة النزوح حاجة رئيسة وليست ثانوية حتى تصل لمرحلة الولادة الآمنة، كما ينبغي إدراج هذه الخدمات في الأولويات عند العمل في التلبية الإنسانية الطارئة".
وبشكل عام تفتقر الجهود الإنسانية في لبنان إلى التنسيق والتخطيط في ظل غياب خطة طوارئ فعالة. فبرغم جهود الجمعيات المحلية، إلا أن الاحتياجات الإنسانية هائلة خاصة مع استمرار النزوح وتفريغ المناطق السكانية، مما يزيد أوضاع العائلات السورية والفئات المهمشة سوءًا، خاصة مع تعرضهم للعنصرية والتمييز، وعدم وجود آلية لتقييم احتياجات العائلات خارج مراكز الإيواء.
يُسيطر على المشهد حالة من الضياع والعجز في ظل تقاعس الحكومة، وغياب دور فاعل لمفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية... مع العلم أن خدمات الصحة الإنجابية أصبحت متوفرة ومجانية للبنانيات فقط، على الرغم من أن الدعم الدولي يُوجّه إلى خلية الطوارئ في الحكومة ووزارة الصحة والصليب الأحمر.
وبالتالي فهو من الضروري أن تشمل هذه التغطية تكاليف الولادة، لتكون مجانية لجميع النساء خلال فترة الحرب الحالية، إذ النساء هن الحلقة الأضعف، خاصة الحوامل والمرضعات.
ملاحظة: هذا النص جزء من سلسلة مواد تم إنتاجها بدعم من برنامج "نحن نقود"، وهو برنامج ممول من وزارة الخارجية الهولندية ومدته خمس سنوات .
إضافة تعليق جديد